سبق الاصرار والترصد في القتل العمد

سبق الإصرار في جريمة القتل العمد القتل العمد المشدد هو تلك الجريمة التي يقرر لها القانون عقوبة أشد من تلك التي قررها للقتل العمد البسيط نتيجة اقترانه بظروف مشددة، والظروف المشددة هي عناصر أو وقائع تلحق بالفعل الإجرامي وتكشف عن خطورة زائدة لفاعلها وتستتبع توقيع جزاء رادع يلائم تلك الظروف. وقد نظم قانون العقوبات البحريني الظروف المشددة التي تلحق بجريمة القتل العمد ورتب على ارتكاب أي منها عقوبة الإعدام حيث نصت المادة 333 على أنه «من قتل نفسا عمدا يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت، وتكون عقوبة الإعدام إذا وقع القتل مع الترصد، أو مسبوقا بإصرار، أو مقترنا أو مرتبطا بجريمة أخرى، أو إذا وقع على أحد أصول الجاني أو على موظف عام أو مكلف بخدمة عامة أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديته وظيفته أو خدمته، أو إذا استعلمت فيه مادة سامة أو مفرقعة». أولا: سبق الإصرار ويعرف سبق الإصرار بأنه «القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية ويكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين وجده أو صادفه، سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط» ، ويعد سبق الإصرار وفق التعريف السابق أحد الظروف المشددة التي لو ارتبطت بسلوك إجرامي معين يكون الغرض منه قتل شخص ما أصبحنا أمام جريمة قتل عمدي مشدد ويقتضي ذلك رفع العقوبة إلى الإعدام، إذ إن التشديد هنا يرجع إلى الخطورة المتزايدة للجاني وعزمه وتصميمه وتخطيطه لارتكاب الجريمة. ويتحقق سبق الإصرار بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها علاوة على أنه يعد في حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها قاضي الموضوع من الوقائع والظروف المحيطة. ويقوم سبق الإصرار على عنصرين أولهما نفسي والثاني زمني: أ‌. العنصر النفسي. يعتبر العنصر النفسي هو جوهر سبق الإصرار ويعني أن الجاني قد فكر في الجريمة المقدم عليها تفكيرا هادئا متزنا ورتب وسائله وتدبر عواقبه أي أنه يقدم على الجريمة بعد دراسة هادئة رزينة وبعد أن تكون قد زالت ثورة الغضب من نفسه. وقد ذهب البعض إلى أنه يشترط لسبق الإصرار أن يكون الجاني في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه، فلا وجود له إذا كان الجاني لا يزال تحت تأثير عامل الغضب الذي يمنعه من التفكير وهو هادئ البال. كذلك ذهب إلى أن «سبق الإصرار يستلزم أن يكون الجاني قد أتم تفكيره وعزمه في هدوء يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أحدهما على الآخر». ولاشك أن العنصر النفسي يفصح عن نفس شريرة واهية تخرس فيها العاطفة صوت العقل ساعية إلى سلوك سبيل الجريمة. ب.العنصر الزمني. يرتبط العنصر النفسي المشار إلية آنفا بعنصر آخر لازما لإتمام سبق الإصرار ألا وهو العنصر الزمني وهو يعني مرور فترة زمنية -قد تطول أو تقصر بحسب الأحوال- بين التفكير في القتل وبين تنفيذه، وتقدير توافر العنصر الزمني وطول أو قصر مدته يعد من الأمور التقديرية التي تخضع لتقدير المحكمة. ويتحقق سبق الإصرار حتى لو كان موقوفا على أمر أو معلق على شرط ومثال ذلك إصرار الجاني على قتل عدوه إذا عاد للتعرض إليه أو لذويه مرة أخرى أو أن يصمم أحد المرشحين في الانتخابات على قتل خصمه إذا انتصر عليه في الانتخابات. ويتحقق سبق الإصرار ولو حصل خطأ في شخصية المجني عليه أو بسبب الحيدة عن الهدف، ويتحقق أيضا سواء كان القصد محدودا أو غير محدود. وجدير بالذكر أن الطبيعة القانونية لسبق الإصرار تعتبره من الظروف الشخصية التي ترتبط بالقصد الجنائي والتي يقتصر أثرها على شخص من توافرت لديه إذ إنها ترجع إلى نفسية الجاني، لذلك فإن المساهمين الأصليين أو التابعين لا يضارون بتوافر سبق الإصرار لدى الجاني وإن كان توافر سبق الإصرار لدى أحد المساهمين في الجريمة يعد قرينة قوية في الغالب على توافره لدى الباقين، ويخضع تقدير ذلك لقاضي الموضوع ولظروف وملابسات كل واقعة على حدة. وبتوافر سبق الإصرار بعنصرية ترفع العقوبة إلى الإعدام، ويخضع البحث في وجوده أو عدم وجوده أو استظهاره لقاضي الموضوع إذ إنه من الأمور النفسية التي لا يجدي فيها الاستناد إلى شهادة الشهود

أضف تعليق