إعتبار تقرير الخبير جزءاً من أسباب الحكم

إعتبار تقرير الخبير جزءاً من أسباب الحكم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/04/yemeni-law.html?m=1
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

▪️أسباب الحكم هي الأسباب الواقعية والقانونية التي يقوم عليها الحكم، وتتضمن هذه الأسباب أدلة الإثبات، ومن ذلك تقارير الخبرة سيما في المسائل الفنية التي يدق على القاضي فهمها، ولذلك تتضمن أسباب الحكم خلاصة النتائج التي توصل إليها تقرير الخبرة واسباب اخذ الحكم بما ورد في تقرير الخبير، فإذا تضمنت أسباب الحكم ذلك فلا يعيب الحكم إذاما تضمن فقرة تنص على إعتبار تقرير الخبير جزءاً من أسباب الحكم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-5-2016م في الطعن رقم (57542)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وطالما ان محكمة الموضوع قد بينت في حيثيات حكمها أسباب اخذها بالنتيجة التي توصل إليها الخبير في هذه الجزئية من تقريره واطمأنت إليها فلا تثريب عليها في إعتبارها أن التقرير جزء من حيثيات حكمها))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
▪️الوجه الأول: ماهية أسباب الحكم أو حيثياته:
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

▪️يذهب بعض الشراح والباحثين إلى أن كلمة (حيثيات) من الاخطاء الشائعة في الأحكام لأنها مستفادة من ظرف المكان وهي كلمة (حيث) قال تعالى {..وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ..} [البقرة، من الآية: (144)]، ولذلك يحجم بعض القضاة عن إستعمال كلمة (حيث) ضمن أسباب الحكم ويستعملوا بدلاً منها كلمة (لما كان/ وبما أنه/ ولأنه). (لغة الحكم القضائي – دراسة تركيبية دلالية، د سعيد احمد بيومي، ص128).
▪️ويقصد بتسبيب الحكم: أن يذكر القاضي الحجج والأسانيد الواقعية والقانونية التي أستند عليها في حكمه، فالتسبيب: هو بيان الأسباب التي دعت المحكمة إلى تطبيق النصوص القانونية على وقائع النزاع، والتسبيب: هو الذي يدل على أن القاضي قد قام بدراسة القضية دراسةً دقيقة واحاط بها مستخلصاً الوقائع والأدلة والدفوع وأوجه الدفاع، وأنه لم يغفل أي دفاع جوهري مقدم من قبل الخصوم، وأن القاضي قد قام بتكييف الواقعة تكييفاً سليماً.
▪️وتتضمن أسباب الحكم الأسباب الواقعية والأسباب القانونية، والمقصود بالأسباب الواقعية: هو بيان الحكم للوقائع والأدلة التي أستند إليها الحكم في تقرير وجود أو عدم وجود الواقعة، فالأسباب الواقعية: هي الوقائع التي يستخلصها القاضي من أوراق القضية وسير إجراءات التقاضي.
اما الأسباب القانونية: فهي ما استند إليه القاضي من نصوص قانونية قام بتطبيقها على الوقائع المستخلصة من القضية التي ينظرها القاضي.
▪️ويشترط أن تكون الأسباب كافية لحمل منطوق الحكم، كما أن الأسباب هي التي تتمكن المحكمة العليا من خلالها من التحقق من أن الحكم قد قام بتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.
ولما كان العدل هو هدف القضاء وغايته، فأنه لا بد من وسيلة يعبر من خلالها القاضي عن عدله فيما توصل إليه في منطوق حكمه، ولا بد أيضاً من الوسيلة ذاتها ليتمكن الخصوم ومحكمة الطعن الأعلى والرأي العام من مراقبة القاضي للتأكد من أنه لم يفصل في النزاع بناءً على هوى أو ميل أو عن جهل، وهذه الوسيلة تتمثل في إلزام القاضي بأن يصدر حكمه مسبباً – أي أن يبين الأسباب التي حملته على أن يصدر حكمه على الوجه الذي جاء عليه الحكم بحيث يمكن القول بأن القاضي قد ذكر التبريرات المنطقية الكافية لإقناع كل من يطلع على حكمه بأن ذلك الحكم عادل وموافق للقانون، إذ لا بد من معرفة علة الحكم وأسبابه حتى يتسنى للمطلع على الحكم فهمه وإدراك مضمونه والتحقق من عدله، ولذلك فإن الإلتزام بالتسبيب ضمانة قانونية مهمة لمنع القاضي من الجور في حكمه، وهذه الضمانة أي تسبيب الأحكام مقررة في تشريعات دول العالم كافة. (تسبيب الأحكام القضائية، د. دفع الله أحمد حيدر، ص79).
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
▪️الوجه الثاني: تضمين خلاصة تقرير الخبرة في أسباب الحكم:
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

▪️عندما يقتنع القاضي بما ورد في تقرير الخبير يجب عليه أن يذكر في أسباب الحكم مبررات أخذه بتقرير الخبير إضافة إلى أنه ينبغي أن تتضمن أسباب الحكم خلاصة تقرير الخبير التي تتضمن النتائج التي توصل إليها التقرير سيما إذا استند الحكم إلى تقرير الخبير، وذلك حتى تستقيم أسباب الحكم وتكون سائغة، وإذا كان من الواجب تضمين أسباب الحكم خلاصة تقرير الخبير والأسباب التي جعلت القاضي يأخذ بالتقرير إلا أنه لا يلزم أن يقوم القاضي بتضمين أسباب الحكم كل ما ورد في تقرير الخبير، فيكفي تضمين الأسباب خلاصة التقرير وأسباب الأخذ به، ولا بأس من الإشارة أو الإحالة إلى التقرير بالقول (حسبما ورد في ص كذا من التقرير)، لأن أسباب الحكم عبارة عن إستنتاج القاضي لما ورد في أوراق القضية بما في ذلك تقارير الخبراء، فليست أسباب الحكم نقل وتفريغ لكل أوراق القضية.
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
▪️الوجه الثالث: إعتبار تقرير الخبير جزا من أسباب الحكم تزيد في التسبيب:
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂

▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه طالما أن أسباب حكم محكمة الموضوع قد تضمنت أسباب أخذ الحكم بالنتيجة التي توصل إليها تقرير الخبرة فلا حرج ولا تثريب إذا ورد ضمن أسباب حكم محكمة الموضوع أن تقرير الخبير يعد جزءاً من أسباب حكم محكمة الموضوع، لأن ورود هذه العبارة ضمن أسباب الحكم لا يعيب الحكم، فذلك تزيد في أسباب الحكم، والتزيد في التسبيب لا يبطل الحكم، فالتزيد في أسباب الحكم. هو ورورد أسباب زائدة غير مؤثرة على النتيجة التي توصل إليها الحكم ، والله اعلم.
https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

أضف تعليق